بيشتاني.. أيقونة سياحة العلاج الطبيعي في قلب أوروبا
علي العمودي
تعد مدينة بيشتاني السلوفاكية الصغيرة ايقونة سياحة العلاج الطبيعي في قلب اوروبا، فهذه المدينة الواقعة في جنوب غربي سلوفاكيا، والتي لا يتعدى عدد سكانها الأربعين ألف نسمة تستقطب سنويا عشرات آلاف السياح من مختلف أنحاء العالم، وتتحول في اشهر الصيف إلى قرية خليجية صغيرة جراء تدفق السياح إليها . واستمدت المدينة شهرتها من التاريخ الطويل لها منذ عدة قرون في مجال العلاج الطبيعي الذي يتركز في جزيرة المصحات التي تضم العديد من مصحات الاستشفاء، وجميعها يعتمد في الخدمات العلاجية والاستشفائية التي يقدمها على موروث طويل وقديم يقوم على الاستفادة من الينابيع الحارة والطين الكبريتي الحار والتدليك.
يعود تاريخ الاستيطان البشري في هذه المنطقة التي كانت تعرف باسم مورافاني للعصر الحجري الاخير، إلا أن بدايات الإشارة لبيشتاني تعود لرهبان دير عرفوا باسم بيسكان الذين كانوا قد قدموا للمنطقة وتعرفوا على خصائصها العلاجية. وقد وثقت مؤشرات وبدايات تلك الخصائص العلاجية رسميا في العام 1549 في تقرير للمستشار الملكي الطبي يورج ورنر الذي تناول المنافع والفوائد العلاجية للمدينة في تلك المنطقة التي كانت تتبع الامبراطورية المجرية. ورغم الأساليب البدائية المتبعة إلا أنها حققت شهرة واسعة في أوساط النبلاء وأمراء الأسر الحاكمة والأرستقراطية. وفي القرن السادس عشر شهدت المدينة بناء المزيد من تلك المصحات البدائية. وفي العام 1571 ،أصدر يوهان كراتو كرفتهايم الطبيب الخاص لثلاثة أباطرة أوروبيين توصياته باستخدام الطين الكبريتي لمدينة بيشتاني في علاج عدد من الأرستقراطيين والنبلاء المجريين. ويعتبر كرفتهايم أبا لهذه الطريقة في العلاج.
نقلة كبرى
وشهدت بلدة بيشتاني في أواخر القرن التاسع عشر نقلة كبرى بوصول عائلة ونتر التي استأجرت المصحة اليتيمة المقامة آنذاك، ونجحت في تحويلها في أقل من عقدين إلى مصحة عالمية. وقد كانت المصحة الرئيسة في المدينة قبل الحرب العالمية الأولى . وشهدت المدينة بناء فنادق ودور فخمة للضيافة، وتعود بدايات وصول الزوار الأجانب من خارج المنطقة للعام1893. وهو العام الذي شهد افتتاح أول مصحة عاملة بالمفهوم المتعارف عليه لتؤرخ للعصر الذهبي للعلاج في المصحات.وبعد الحرب العالمية الثانية استقر في المدينة الدكتور لودسلاف شميت الذي كان احد الرواد والمؤسسين للجمعية العالمية لأمراض الروماتيزم. وقد قدم دراسة علمية موثقة في العام1923 حول العلاج بالطين الكبريتي والخصائص العلاجية لينابيع بيشتاني. وقد أصبحت تلك الدراسة مرجعا علميا في هذا المجال. فهذه المياه تتدفق من شقوق تكوينية من عمق2000متر، حيث تجرف معها التركيبات المختلفة للعناصر الكيميائية التي يحتاج إليها الجسم.
وتوجد في جزيرة المصحات بيشتاني 10 ينابيع معدنية تتراوح درجة حرارتها عند تدفقها ما بين 67-69 درجة مئوية، وتعرف هذه المياه بكونها مياهاً وسطية المعدن والكبريت والكلس الصودوي والحراري. وتمثل هذه المياه العامل الأساس لتركيبة الطين الكبريتي الذي يشكل مكوناً رئيسياً لبرامج العلاج الطبيعي في مصحات الجزيرة التي تقدم حاليا اكثر من 60 برنامجا علاجيا التي تعتمد على مياه الينابيع الحارة والطين الكبريتي، وإخضاع الزائر للتمارين الفردية والجماعية في الأحواض المائية أو القاعات الرياضية والتدليك والعلاج بالكربون والأشعة فوق الصوتية والحرارية والضوئية وغيرها من البرامج العلاجية والاستجمامية. وهي تعنى في المقام الأول بالذين يعانون من الأمراض الروماتيزمية وتشوهات العظام والمفاصل وأمراض العمود الفقري وعلاج الحالات الناجمة عن الحوادث وبالذات الإعاقات الناجمة عن الحوادث المرورية والجلطات وكسور العظام المختلفة.
تأميم المصحات
في العام 1948 جرى تأميم المصحات في المدينة بعد قيام النظام الاشتراكي فيما كان يعرف بتشيكوسلوفاكيا، ليدخل العلاج في المصحات مرحلة جديدة من السيطرة المركزية في أساليب العلاج، إلا أنها حافظت على الطرق التقليدية للعلاج باعتبارها موردا مهما من موارد الدخل للبلاد.وبعد الطلاق المخملي بين التشيك والسلوفاك وانهيار الستار الحديدي، خصصت المصحات التي أصبحت مملوكة حاليا لمجموعة الدانوب الفندقية التي تملك سلسلة واسعة من فنادق المصحات في منطقة حوض الدانوب.
وتعد ينابيع المياه الحارة فيها معجزة بحد ذاتها حيث تبلغ درجة حرارة البعض منها 60درجة مئوية، بينما تتساقط الثلوج من حولها في زمهرير الشتاء.
وتوالى اهتمام سلطات المدينة بتطوير قدراتها في مختلف العصور والحقب التي تعاقبت عليها حتى وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم من شهرة عالمية.
برامج الرشاقة
يقول كلاوس بلز المدير العام للمصحات في بيشتاني والعضو المنتدب لمجلس إدارة الشركة المالكة للمصحات لا شك أن مصحات مدينة بيشتاني تعد الأكبر ليس في سلوفاكيا فحسب بل وفي المنطقة، وهي متخصصة في الأمراض الروماتيزمية وغيرها من أمراض وعلل الجهاز الحركي للإنسان، وكذلك برامج إعادة التأهيل بعد العمليات الجراحية وتلك الخاصة للمصابين في حوادث المرور والجلطات.
وقال إننا اليوم ولمواجهة الوباء العالمي الذي يجتاح مختلف مناطق العالم، والذي يتمثل في السمنة من جراء أنماط غدائية معينة وقلة الحركة، قمنا بتطوير برامجنا للتعامل مع هذا الأمر من خلال برامج خاصة تتم تحت أشراف خبراء تغذية. وبالفعل وجدت برامجنا استجابة واسعة بسبب النتائج التي حققتها، ولدينا مثال لحالة شاب خليجي كان وزنه يقترب من200كيلوجرام، وبعد دورات وبرامج مكثفة استمرت لنحو لعدة أسابيع، تخلص من الوزن الزائد ليستقر وزنه عند التسعين كيلوجراما.وقال بلز إن الغالبية العظمي للزوار القادمين من دول الخليج العربي هم لحالات الوزن الزائد والذين يعانون من أمراض روماتيزمية وضمور العضلات بسبب البقاء فترات طويلة تحت المكيفات والاعتماد على السيارات في التحرك ونمط معيشتهم وغذائهم اليومي. والذين ندعوهم لاصطحاب تقاريرهم الطبية حتى يتمكن الطبيب المعالج من وضع البرامج العلاجية الخاصة بكل حالة على حدة.
جزيرة المصحات
وأضاف إن بيشتاني تعتمد في برامجها العلاجية على جزيرة المصحات التي تمتد على مساحة 44 هكتاراً من الحدائق الغناء والمساحات الخضراء والهواء النقي، لأن المدينة لا تعاني من أي تلوث، وتملك قدرة إيوائية تبلغ اكثر من خمسة وأربعين ألف سرير في العام، بمعدل 11 ليلة لكل ضيف. ترتفع نسبة الإقبال كذلك خلال عطل نهاية الأسابيع من الدول المجاورة. وتدعم خدماتها العلاجية بطواقم طبية تضم اكثر من 350طبيبا ومساعد طبيب وأخصائي علاج طبيعي وممرضين وممرضات.
وحول الفترة المناسبة للإقامة للاستفادة من البرامج العلاجية قال بلز إنها تتفاوت من حالة لأخرى، وإجمالا من المستحسن إلا تقل عن 21يوما- أي ثلاثة أسابيع-.
وأضاف بلز إن مدينة بيشتاني تضم فنادق متنوعة من الخمسة إلى الثلاثة نجوم والواقعة على جزيرة المصحات إضافة إلى جميع المرافق التي يحتاجها الزائر سواء الثقافية أو الترفيهية أو غيرها. مشيرا إلى أن مصحات العلاج الطبيعي في المدينة تقدم 60 دورة وطريقة علاج مختلفة من خلال المياه الحرارية والطين الكبريتي الفريد من نوعه إضافة إلى التمارين الفردية والجماعية و التدليك( المساج) والعلاج بالكربون والضوء والكهرباء.
وأوضح أن المصحات تقدم أحدث الطرق والأنواع العلاجية التي يقدمها طب العلاج الطبيعي لأمراض الجهاز الحركي والتشوهات الناجمة عن امراض الروماتيزم والتشوهات الصدفية وامراض العمود الفقري والعظام والحالات الناجمة عن الحوادث وكسور العظام المختلفة وكذلك زيادة الوزن.
وذكر بلز أن مصحات بيشتاني تستقبل 560 ألف زائر سنويا من ألمانيا، الولايات المتحدة وكندا والنمسا وبولندا والمملكة العربية السعودية والكويت وهولندا وسويسرا، لافتا إلى أن الأبحاث المتعلقة بالمياه الحرارية العلاجية بدأت منذ القرن 16، مشيرا إلى إنشاء اول مركز علاجي في العام 1912 .
وقال إن المصحات تحتوي على 4 مراكز للعلاج الطبيعي، و6 فنادق مرتبطة بالمجمع الصحي، موضحا إن العلاج الطبيعي يبدأ عبر الكشف الطبي والمعاينة اللازمة، والتي يقوم الطبيب بناء على نتائجها بتجديد نوعية ومدى المرض والدورات العلاجية المركبة المناسبة بمعدل اربع دورات يومية موزعة على ستة أيام في الأسبوع، إضافة إلى الكشف للضيف الزائر خلال مدة الإقامة ونهايتها بما يسمى بالكشف النهائي لدى المغادرة والمتضمن الإرشادات المتعلقة بنظام العلاج المستقبلي.
وقال إن قرب المدينة من مطار العاصمة النمساوية فيينا جعلها سهلة الوصول للسائح الخليجي والعربي . كما إن برامج الإقامة تتضمن زيارات ترفيهية ورحلات تسوق إلى فيينا وبودابست التي لا تبعد هي الأخرى بأكثر من ساعتين بالسيارة.
وحول نسبة النمو التي يتوقعها في هذا القطاع للعام المقبل، مع الأخذ بالاعتبار الظروف التي يمر بها الاقتصاد العالمي، قال بلز إنه يتوقع نسبة نمو بنحو 3%،ويتوقع أن يتجاوز عدد الزوار45الف زائر، وان تكون حصة العالم العربي منهم15%.
ربط العطلة بالعلاج الطبيعي للتخلص من ضغوط العمل
يقول بيتر سالم مالك شركة للسياحة العلاجية التي تتخذ من العاصمة السلوفاكية مقرا لها إن التوجه العام للسياح اليوم أصبح ربط العطلة بالعلاج الطبيعي للتخلص من ضغوط العمل من جهة، ومما يعتري صحة الإنسان جراء التقدم في العمر والنمط المعيشي والغذائي الذي يتبعه من الجهة الأخري. وقال إنهم يحرصون على المشاركة في الملتقيات الطبية ومعارض السفر في المنطقة الخليجية للتعريف بالخدمات المتوافرة في المصحات التي يتعاملون معها في بيشتاني تحديدا وسلوفاكيا بصورة عامة، وكذلك المصحات الواقعة في التشيك والمجر والنمسا والمانيا وغيرها من بلدان حوض الدانوب ذات التاريخ العريق في مجال العلاج الطبيعي بالمياه المعدنية والطين الكبريتي . كما أشاد بالتعاون القائم مع هيئة الصحة في دبي .
وقال إنهم تعاملوا خلال السنوات القليلة الماضية مع أكثر من70 الف سائح، جلهم من ألمانيا ومن السوق الداخلية للمنطقة. وقال إن تعاونهم مع بعض الهيئات الصحية في المنطقة الخليجية يتركز في الأساس على تنظيم رحلات القادمين للعلاج والاستشفاء الطبيعي، وبالأخص مرضى الجلطات ومصابي الحوادث المرورية. كما شهدت الفترة الماضية ارتفاعا في أعداد القادمين للتخلص من السمنة والوزن الزائد. وبعض الحالات لأطفال يعانون من الشلل الدماغي للاستفادة من التقنيات الجديدة المستخدمة في مركز أدلي ببيشتاني، والذي يستخدم تقنيات رواد الفضاء في علاج وإعادة تأهيل هؤلاء الأطفال.
علي العمودي
تعد مدينة بيشتاني السلوفاكية الصغيرة ايقونة سياحة العلاج الطبيعي في قلب اوروبا، فهذه المدينة الواقعة في جنوب غربي سلوفاكيا، والتي لا يتعدى عدد سكانها الأربعين ألف نسمة تستقطب سنويا عشرات آلاف السياح من مختلف أنحاء العالم، وتتحول في اشهر الصيف إلى قرية خليجية صغيرة جراء تدفق السياح إليها . واستمدت المدينة شهرتها من التاريخ الطويل لها منذ عدة قرون في مجال العلاج الطبيعي الذي يتركز في جزيرة المصحات التي تضم العديد من مصحات الاستشفاء، وجميعها يعتمد في الخدمات العلاجية والاستشفائية التي يقدمها على موروث طويل وقديم يقوم على الاستفادة من الينابيع الحارة والطين الكبريتي الحار والتدليك.
يعود تاريخ الاستيطان البشري في هذه المنطقة التي كانت تعرف باسم مورافاني للعصر الحجري الاخير، إلا أن بدايات الإشارة لبيشتاني تعود لرهبان دير عرفوا باسم بيسكان الذين كانوا قد قدموا للمنطقة وتعرفوا على خصائصها العلاجية. وقد وثقت مؤشرات وبدايات تلك الخصائص العلاجية رسميا في العام 1549 في تقرير للمستشار الملكي الطبي يورج ورنر الذي تناول المنافع والفوائد العلاجية للمدينة في تلك المنطقة التي كانت تتبع الامبراطورية المجرية. ورغم الأساليب البدائية المتبعة إلا أنها حققت شهرة واسعة في أوساط النبلاء وأمراء الأسر الحاكمة والأرستقراطية. وفي القرن السادس عشر شهدت المدينة بناء المزيد من تلك المصحات البدائية. وفي العام 1571 ،أصدر يوهان كراتو كرفتهايم الطبيب الخاص لثلاثة أباطرة أوروبيين توصياته باستخدام الطين الكبريتي لمدينة بيشتاني في علاج عدد من الأرستقراطيين والنبلاء المجريين. ويعتبر كرفتهايم أبا لهذه الطريقة في العلاج.
نقلة كبرى
وشهدت بلدة بيشتاني في أواخر القرن التاسع عشر نقلة كبرى بوصول عائلة ونتر التي استأجرت المصحة اليتيمة المقامة آنذاك، ونجحت في تحويلها في أقل من عقدين إلى مصحة عالمية. وقد كانت المصحة الرئيسة في المدينة قبل الحرب العالمية الأولى . وشهدت المدينة بناء فنادق ودور فخمة للضيافة، وتعود بدايات وصول الزوار الأجانب من خارج المنطقة للعام1893. وهو العام الذي شهد افتتاح أول مصحة عاملة بالمفهوم المتعارف عليه لتؤرخ للعصر الذهبي للعلاج في المصحات.وبعد الحرب العالمية الثانية استقر في المدينة الدكتور لودسلاف شميت الذي كان احد الرواد والمؤسسين للجمعية العالمية لأمراض الروماتيزم. وقد قدم دراسة علمية موثقة في العام1923 حول العلاج بالطين الكبريتي والخصائص العلاجية لينابيع بيشتاني. وقد أصبحت تلك الدراسة مرجعا علميا في هذا المجال. فهذه المياه تتدفق من شقوق تكوينية من عمق2000متر، حيث تجرف معها التركيبات المختلفة للعناصر الكيميائية التي يحتاج إليها الجسم.
وتوجد في جزيرة المصحات بيشتاني 10 ينابيع معدنية تتراوح درجة حرارتها عند تدفقها ما بين 67-69 درجة مئوية، وتعرف هذه المياه بكونها مياهاً وسطية المعدن والكبريت والكلس الصودوي والحراري. وتمثل هذه المياه العامل الأساس لتركيبة الطين الكبريتي الذي يشكل مكوناً رئيسياً لبرامج العلاج الطبيعي في مصحات الجزيرة التي تقدم حاليا اكثر من 60 برنامجا علاجيا التي تعتمد على مياه الينابيع الحارة والطين الكبريتي، وإخضاع الزائر للتمارين الفردية والجماعية في الأحواض المائية أو القاعات الرياضية والتدليك والعلاج بالكربون والأشعة فوق الصوتية والحرارية والضوئية وغيرها من البرامج العلاجية والاستجمامية. وهي تعنى في المقام الأول بالذين يعانون من الأمراض الروماتيزمية وتشوهات العظام والمفاصل وأمراض العمود الفقري وعلاج الحالات الناجمة عن الحوادث وبالذات الإعاقات الناجمة عن الحوادث المرورية والجلطات وكسور العظام المختلفة.
تأميم المصحات
في العام 1948 جرى تأميم المصحات في المدينة بعد قيام النظام الاشتراكي فيما كان يعرف بتشيكوسلوفاكيا، ليدخل العلاج في المصحات مرحلة جديدة من السيطرة المركزية في أساليب العلاج، إلا أنها حافظت على الطرق التقليدية للعلاج باعتبارها موردا مهما من موارد الدخل للبلاد.وبعد الطلاق المخملي بين التشيك والسلوفاك وانهيار الستار الحديدي، خصصت المصحات التي أصبحت مملوكة حاليا لمجموعة الدانوب الفندقية التي تملك سلسلة واسعة من فنادق المصحات في منطقة حوض الدانوب.
وتعد ينابيع المياه الحارة فيها معجزة بحد ذاتها حيث تبلغ درجة حرارة البعض منها 60درجة مئوية، بينما تتساقط الثلوج من حولها في زمهرير الشتاء.
وتوالى اهتمام سلطات المدينة بتطوير قدراتها في مختلف العصور والحقب التي تعاقبت عليها حتى وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم من شهرة عالمية.
برامج الرشاقة
يقول كلاوس بلز المدير العام للمصحات في بيشتاني والعضو المنتدب لمجلس إدارة الشركة المالكة للمصحات لا شك أن مصحات مدينة بيشتاني تعد الأكبر ليس في سلوفاكيا فحسب بل وفي المنطقة، وهي متخصصة في الأمراض الروماتيزمية وغيرها من أمراض وعلل الجهاز الحركي للإنسان، وكذلك برامج إعادة التأهيل بعد العمليات الجراحية وتلك الخاصة للمصابين في حوادث المرور والجلطات.
وقال إننا اليوم ولمواجهة الوباء العالمي الذي يجتاح مختلف مناطق العالم، والذي يتمثل في السمنة من جراء أنماط غدائية معينة وقلة الحركة، قمنا بتطوير برامجنا للتعامل مع هذا الأمر من خلال برامج خاصة تتم تحت أشراف خبراء تغذية. وبالفعل وجدت برامجنا استجابة واسعة بسبب النتائج التي حققتها، ولدينا مثال لحالة شاب خليجي كان وزنه يقترب من200كيلوجرام، وبعد دورات وبرامج مكثفة استمرت لنحو لعدة أسابيع، تخلص من الوزن الزائد ليستقر وزنه عند التسعين كيلوجراما.وقال بلز إن الغالبية العظمي للزوار القادمين من دول الخليج العربي هم لحالات الوزن الزائد والذين يعانون من أمراض روماتيزمية وضمور العضلات بسبب البقاء فترات طويلة تحت المكيفات والاعتماد على السيارات في التحرك ونمط معيشتهم وغذائهم اليومي. والذين ندعوهم لاصطحاب تقاريرهم الطبية حتى يتمكن الطبيب المعالج من وضع البرامج العلاجية الخاصة بكل حالة على حدة.
جزيرة المصحات
وأضاف إن بيشتاني تعتمد في برامجها العلاجية على جزيرة المصحات التي تمتد على مساحة 44 هكتاراً من الحدائق الغناء والمساحات الخضراء والهواء النقي، لأن المدينة لا تعاني من أي تلوث، وتملك قدرة إيوائية تبلغ اكثر من خمسة وأربعين ألف سرير في العام، بمعدل 11 ليلة لكل ضيف. ترتفع نسبة الإقبال كذلك خلال عطل نهاية الأسابيع من الدول المجاورة. وتدعم خدماتها العلاجية بطواقم طبية تضم اكثر من 350طبيبا ومساعد طبيب وأخصائي علاج طبيعي وممرضين وممرضات.
وحول الفترة المناسبة للإقامة للاستفادة من البرامج العلاجية قال بلز إنها تتفاوت من حالة لأخرى، وإجمالا من المستحسن إلا تقل عن 21يوما- أي ثلاثة أسابيع-.
وأضاف بلز إن مدينة بيشتاني تضم فنادق متنوعة من الخمسة إلى الثلاثة نجوم والواقعة على جزيرة المصحات إضافة إلى جميع المرافق التي يحتاجها الزائر سواء الثقافية أو الترفيهية أو غيرها. مشيرا إلى أن مصحات العلاج الطبيعي في المدينة تقدم 60 دورة وطريقة علاج مختلفة من خلال المياه الحرارية والطين الكبريتي الفريد من نوعه إضافة إلى التمارين الفردية والجماعية و التدليك( المساج) والعلاج بالكربون والضوء والكهرباء.
وأوضح أن المصحات تقدم أحدث الطرق والأنواع العلاجية التي يقدمها طب العلاج الطبيعي لأمراض الجهاز الحركي والتشوهات الناجمة عن امراض الروماتيزم والتشوهات الصدفية وامراض العمود الفقري والعظام والحالات الناجمة عن الحوادث وكسور العظام المختلفة وكذلك زيادة الوزن.
وذكر بلز أن مصحات بيشتاني تستقبل 560 ألف زائر سنويا من ألمانيا، الولايات المتحدة وكندا والنمسا وبولندا والمملكة العربية السعودية والكويت وهولندا وسويسرا، لافتا إلى أن الأبحاث المتعلقة بالمياه الحرارية العلاجية بدأت منذ القرن 16، مشيرا إلى إنشاء اول مركز علاجي في العام 1912 .
وقال إن المصحات تحتوي على 4 مراكز للعلاج الطبيعي، و6 فنادق مرتبطة بالمجمع الصحي، موضحا إن العلاج الطبيعي يبدأ عبر الكشف الطبي والمعاينة اللازمة، والتي يقوم الطبيب بناء على نتائجها بتجديد نوعية ومدى المرض والدورات العلاجية المركبة المناسبة بمعدل اربع دورات يومية موزعة على ستة أيام في الأسبوع، إضافة إلى الكشف للضيف الزائر خلال مدة الإقامة ونهايتها بما يسمى بالكشف النهائي لدى المغادرة والمتضمن الإرشادات المتعلقة بنظام العلاج المستقبلي.
وقال إن قرب المدينة من مطار العاصمة النمساوية فيينا جعلها سهلة الوصول للسائح الخليجي والعربي . كما إن برامج الإقامة تتضمن زيارات ترفيهية ورحلات تسوق إلى فيينا وبودابست التي لا تبعد هي الأخرى بأكثر من ساعتين بالسيارة.
وحول نسبة النمو التي يتوقعها في هذا القطاع للعام المقبل، مع الأخذ بالاعتبار الظروف التي يمر بها الاقتصاد العالمي، قال بلز إنه يتوقع نسبة نمو بنحو 3%،ويتوقع أن يتجاوز عدد الزوار45الف زائر، وان تكون حصة العالم العربي منهم15%.
ربط العطلة بالعلاج الطبيعي للتخلص من ضغوط العمل
يقول بيتر سالم مالك شركة للسياحة العلاجية التي تتخذ من العاصمة السلوفاكية مقرا لها إن التوجه العام للسياح اليوم أصبح ربط العطلة بالعلاج الطبيعي للتخلص من ضغوط العمل من جهة، ومما يعتري صحة الإنسان جراء التقدم في العمر والنمط المعيشي والغذائي الذي يتبعه من الجهة الأخري. وقال إنهم يحرصون على المشاركة في الملتقيات الطبية ومعارض السفر في المنطقة الخليجية للتعريف بالخدمات المتوافرة في المصحات التي يتعاملون معها في بيشتاني تحديدا وسلوفاكيا بصورة عامة، وكذلك المصحات الواقعة في التشيك والمجر والنمسا والمانيا وغيرها من بلدان حوض الدانوب ذات التاريخ العريق في مجال العلاج الطبيعي بالمياه المعدنية والطين الكبريتي . كما أشاد بالتعاون القائم مع هيئة الصحة في دبي .
وقال إنهم تعاملوا خلال السنوات القليلة الماضية مع أكثر من70 الف سائح، جلهم من ألمانيا ومن السوق الداخلية للمنطقة. وقال إن تعاونهم مع بعض الهيئات الصحية في المنطقة الخليجية يتركز في الأساس على تنظيم رحلات القادمين للعلاج والاستشفاء الطبيعي، وبالأخص مرضى الجلطات ومصابي الحوادث المرورية. كما شهدت الفترة الماضية ارتفاعا في أعداد القادمين للتخلص من السمنة والوزن الزائد. وبعض الحالات لأطفال يعانون من الشلل الدماغي للاستفادة من التقنيات الجديدة المستخدمة في مركز أدلي ببيشتاني، والذي يستخدم تقنيات رواد الفضاء في علاج وإعادة تأهيل هؤلاء الأطفال.