جمعية الدارسين بتشيكيا وسلوفاكيا حضرموت

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
جمعية الدارسين بتشيكيا وسلوفاكيا حضرموت

منتدي لربط اعضاء جمعية الدارسين بتشيكيا وسلوفاكيا في حضرموت للتعارف وتبادل الاراء والافكار وتوطيد العلاقات فيما بينهم


    سلوفاكيا تغلي: معسكر ضد الفاشية.. وآخر مع تكريم رموزها

    avatar
    marcel


    عدد المساهمات : 240
    تاريخ التسجيل : 13/06/2009

    سلوفاكيا تغلي: معسكر ضد الفاشية.. وآخر مع تكريم رموزها  Empty سلوفاكيا تغلي: معسكر ضد الفاشية.. وآخر مع تكريم رموزها

    مُساهمة  marcel الإثنين يوليو 18, 2011 7:14 am



    حسن عزالدين - سلوفاكيا
    ليس جديدا على سلوفاكيا أن تتأرجح بين مظاهر التعصب القومي والانحياز إلى الفاشية من جهة، وإثبات قدرتها على أن تكون دولة ديموقراطية عصرية قادرة على مجاراة الواقع الأوروبي، من جهة أخرى.
    ومن يزور سلوفاكيا حاليا يشعر بهذا التوتر القائم على أكثر من صعيد، لا سيما في ما يخص العلاقات بين سلوفاكيا والمجر (هنغاريا حالياً)، التي تشهد توترا يمكن تشبيهه بالنار تحت طبقة من الرماد. فأنصار التعصب القومي في كلا البلدين لا ينفكّون عن إطلاق التصريحات المثيرة الهادفة إلى شحن النفوس وتوتير الأجواء، في حين تبقى كفة المجر في هذا السياق الأرجح باعتبار أن «وجودها» على الأرض السلوفاكية أشد وطأة من خلال أقليتها القومية المتغلغلة في نسيج المجتمع السلوفاكي، والتي تتمثل في البرلمان والمجالس البلدية في أماكن وجودها، بل في ائتلافات حكومية في بعض الأحيان.
    وحسب الإحصائيات الرسمية الصادرة بعد نشوء جمهورية سلوفاكيا المستقلّة في العام 1993، فإن نسبة المنتمين إلى الأقلية المجرية وصل في تلك الفترة إلى حوالي %11، أي ما يقارب نصف مليون نسمة. أما الحضور السلوفاكي في المجر فينحصر في ردود الفعل الغاضبة التي تصل إلى آذان المتطرفين المجريين، في حين أن الوجود البشري هو عديم التأثير.
    إلا أن هذا الواقع، وبرغم أهميته في توجيه مسار البلاد نحو التعصب القومي في بعض الأحيان، لا يشكّل العامل الأوحد في فرز معايير الانتماء والتوجه، حيث إن الشحن العقائدي الذي يصبّ في هذا الإطار يبدو في سلوفاكيا الحالية متغلغلا بين السلوفاكيين أنفسهم، وهو ما أظهرته تجارب الأيام الأخيرة التي لا يزال صداها يتردد مع بزوغ فجر كل يوم جديد.

    تماثيل.. وفاشيون
    ولعلّ ما يدور من نقاش حاليا بخصوص إزاحة الستار عن تمثال لأحد رموز الحقبة الفاشية في سلوفاكيا ـ فرديناند ديورتشانسكي، هو أكبر دليل على فداحة الانقسام الحاصل في المجتمع السلوفاكي بين من يصفون أنفسهم بالمناهضين للفاشية، وغيرهم ممّن يقفون على الجبهة الأخرى.
    ما هو مهم هنا أن أنصار الطرف الثاني يرفضون وصفهم بالفاشيين، معتبرين أن ما يقومون به هو محاولة صادقة لإبراز القيمة التاريخية لبعض رموز التاريخ السلوفاكي، حتى لو كانوا فاشيين أو نازيين. ويأتي بين هؤلاء حتما فرديناند ديورتشانسكي، الذي برز دوره خلال فترة الحرب العالمية الثانية عندما حاول مع بعض القوميين السلوفاكيين الانقسام عن تشيكوسلوفاكيا بالاعتماد على ألمانيا النازية والتحالف معها.
    الفريد في ما يجري حاليا في سلوفاكيا هو الانقسام الحاصل في طريقة تقييم الأمور وترتيب الأوصاف، فالمناضلون ضد الفاشية، ومعهم الحكومة الحالية بأكملها، فشلوا في منع مدينة «راييتس» من وضع النصب التذكاري للسياسي الفاشي المذكور، لأن المجلس البلدي في المدينة أصر على وضعه هناك باعتباره رمزا من رموزها، خصوصا أنه وُلد وترعرع فيها. وكان المجلس البلدي المذكور قد أزاح الستار قبل ذلك عن رمز الدولة النازية السلوفاكية القديمة ورئيسها يوزف تيسو (استمرت هذه الدولة من عام 1939 حتى 1945 فقط، وكانت تعتمد على عناصر حكم نازية ـ دينية)، ضاربا بعرض الحائط كل الانتقادات الموجه إليه من قبل الحكومة أو مجموعات الضغط اليهودية، أو تلك المناهضة للفاشية، وغير آبه بسلسلة الشكاوى الجنائية التي تقدّمت بها تلك المجموعات.

    سكب الزيت على النار
    إذاً، يتحول الصراع السياسي في سلوفاكيا الحالية إلى درجة فريدة من الانقسام وترتيب القناعات، حيث يصر أنصار حركة الاستقلال السلوفاكي، ذي البُعد القومي المتطرف، على اعتبار رموز الحركة الفاشية السابقة جزءا من «النضال» الذي خاضه الشعب السلوفاكي للاستقلال، ولم يصل إلى خواتيمه السعيدة إلا بعد انتصار الثورة المخملية في تشيكيا وسلوفاكيا والفرز الذي أحدثته لاحقا في الوضع الجيو – سياسي وأدّى لنشوء الدولة السلوفاكية المستقلة في الأول من يناير عام 1993. وبذلك فأن هؤلاء يبدون كمن يضع الزيت على نار التطرّف القومي المستعر في المنطقة بأكملها، وتحديدا بين سلوفاكيا والمجر، لا سيما أنهم يستخدمون حججا كثيرة من تلك لإقناع الرأي العام السلوفاكي بصواب منطقهم.

    تمجيد الرموز
    فعلى سبيل المثال ينتقدون الحكومة السلوفاكية، لأنها تسمح بإقامة نصب تذكارية لأنصار الحركة الاستقلالية المجرية، وتمجّد من جهة أخرى برموز حركة الحفاظ على الوحدة التشيكوسلوفاكية، بينما تنتقد، حسب رأيهم، من يحاول تجسيد الاستقلال الفعلي للشعب السلوفاكي.
    ليس مهما لهؤلاء أن «ديورتشانسكي» وغيره متّهمون بالإبادة الجماعية لليهود وارتكاب جرائم حرب كثيرة خلال الحرب العالمية، لأنهم ليسوا مقتنعين أصلا بالحجج المعتمدة، ويعتبرونها غير موضوعية على الإطلاق.
    لعلّ ما يثير السخرية حقا هو أن أنصار ديورتشانسكي وضعوا نصبه التذكاري في الساحة الرئيسية لمدينة راييتس والتي تحمل اسم «ساحة الانتفاضة الوطنية السلوفاكية»، وهذا في حد ذاته يشكّل أوضح مثال على درجة التناقض القائمة في المجتمع السلوفاكي حيال ترتيب القيم والقناعات، وطريقة فهم التضحيات التي قدّمها أجدادهم في مراحل سابقة.
    هذا الأمر عبّر عنه أحد السياسيين السلوفاكيين أخيرا عندما قال «إن الغريب في ما يجري، هو أنه يوجد في سلوفاكيا قانون يمجّد النضال الذي تم ضد الفاشية ويدين أعمال الحكم النازي، لكننا نرى في الوقت نفسه مجموعات رسمية تعمل على تمجيد رموز ذلك الحكم ممّن ساهموا في إبادة اليهود السلوفاكيين، وارتكاب مجازر جماعية بحق الشعب السلوفاكي بأكمله».
    أما سكّان بلدة راييتس ومسؤولو مجلسها البلدي فيردّون على ذلك بطريقة أوضح: «منطقتنا فخورة بانتمائها وشعورها القومي والوطني القوي، وسكانها هم بلا شك سعيداء لوجود كل هذه التماثيل فيها».

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين أبريل 29, 2024 12:11 pm