المصدر: سامي الريامي التاريخ: 22 سبتمبر 2010
تتولى الليبرالية إيفيتا راديكوفا رئاسة الحكومة في جمهورية سلوفاكيا، حدث ذلك خلال شهر يونيو الماضي، ولا أعرف بالضبط إن كانت هذه السيدة محبوبة من الشعب السلوفاكي أم لا، إلا أن الساعة التي قضيناها مستمعين إليها في حوار مفتوح مع الصحافة العالمية، خلال المؤتمر الذي عقده المعهد العالمي للصحافة في كل من فيينا وبرتسلافا عاصمة سلوفاكيا، جعل الحضور ينجذبون نحو أفكارها المتقدمة، وانفتاحها الجميل، وطريقة تداولها وردودها المنطقية على معظم الأسئلة، وبالتالي فلا غرابة أن تكون هذه السيدة المفوهة هي أول امرأة تتولى السلطة في هذا البلد.
راديكوفا لها تصريح جميل، ومؤثر، وشهير، أدلت به أثناء حفل تنصيبها حيث قالت «إننا مستعدون للبحث عن حلول تساعد هذا البلد الجميل على التحول إلى بيت أفضل لكل واحد منا»، وهذه الجملة البلاغية الجميلة تختصر مئات الخطابات والكلمات عن الدور الذي يجب أن تقوم به حكومة أي بلد كان.
صحافي أوروبي سأل راديكوفا، ما الذي يؤلمك من الصحافة؟ أجابت: «عندما تنتهك خصوصياتي، وتتهافت الصحف لالتقاط صور خاصة جداً لابنتي ونشرها، دعوني أسألكم، ما علاقة ابنتي بمنصبي الحكومي؟ أنا موظفة حكومية، ولا مانع عندي أبداً من انتقادي، بل أنا أدعو الجميع الآن، وأمام الجميع، إلى أن يكثروا من انتقاد أدائي وينشروا أخطائي وأخطاء حكومتي، لن نعارض ذلك، ولن نتكلم، لكن أرجوكم ابعدوا عن ابنتي وحياتي الخاصة».
كنت أظن أن هذا الخلط بين الانتقاد من أجل المصلحة العامة، والانتقاد الشخصي، حكر علينا في هذا الجانب من العالم، لكن على ما يبدو أنه آفة عالمية، وعلى الرغم من ذلك نبقى نحن الأكثر خلطاً، ليس في عالم الصحافة فقط بل في مختلف جوانب الحياة، مع الصحافة وضدها، وفي الحوارات والنقاشات، والمنتديات والمجالس، لا نعرف الفرق بين انتقاد سلوك وأداء شخص ما، وبين شخصه وأصله وفصله!
في حالة راديكوفا فإن الخطأ لاشك هو خطأ الصحافة، ولا نملك إلا أن نؤيدها في كلامها تماماً، ولكن في حالات كثيرة يكون الخلط ضد الصحافة، خصوصاً من أولئك الذين لا يفرقون بين مهمة الصحافي، والصحافة مهنةً تقوم على النشر وكشف الحقائق، وبين الصحافي إنساناً لا يحب العداوات والمشكلات!
في ذلك المؤتمر، طرحت وجهات نظر مختلفة، منها إيضاح الخط الفاصل بين المبالغات، وإلهاب الرأي العام تجاه قضايا مجتمعية خطيرة، وبين حق الصحافة في النشر، وأعجبني طرح رئيسة تحرير صحيفة هولندية عندما قالت «قررنا في مجلس التحرير عدم نشر الرسوم المسيئة للرسول، ليس لأن القانون يمنعنا، فنحن في هولندا لا توجد لدينا ضوابط أياً كان نوعها على الإعلام، لكننا أدركنا من أنفسنا أن النشر سيؤدي إلى ضرر بالغ بمجتمعنا ودولتنا، فاتخذنا قراراً بمنع النشر».
مذيع في الـ«سي إن إن»، وصف خلال المؤتمر القس تيري جونز، الذي نادى بحرق القرآن، بأنه «معتوه»، وعلل ذلك بالآثار الكارثية التي كاد يتسبب فيها!
عموماً ما أقصده، هو أن الحرية بلا حدود لن تكون مفيدة في عالم الصحافة، ولكن علينا أن نتيقن أن الصحافة بلا حرية لن تكون ذات جدوى أبداً.
[i]
تتولى الليبرالية إيفيتا راديكوفا رئاسة الحكومة في جمهورية سلوفاكيا، حدث ذلك خلال شهر يونيو الماضي، ولا أعرف بالضبط إن كانت هذه السيدة محبوبة من الشعب السلوفاكي أم لا، إلا أن الساعة التي قضيناها مستمعين إليها في حوار مفتوح مع الصحافة العالمية، خلال المؤتمر الذي عقده المعهد العالمي للصحافة في كل من فيينا وبرتسلافا عاصمة سلوفاكيا، جعل الحضور ينجذبون نحو أفكارها المتقدمة، وانفتاحها الجميل، وطريقة تداولها وردودها المنطقية على معظم الأسئلة، وبالتالي فلا غرابة أن تكون هذه السيدة المفوهة هي أول امرأة تتولى السلطة في هذا البلد.
راديكوفا لها تصريح جميل، ومؤثر، وشهير، أدلت به أثناء حفل تنصيبها حيث قالت «إننا مستعدون للبحث عن حلول تساعد هذا البلد الجميل على التحول إلى بيت أفضل لكل واحد منا»، وهذه الجملة البلاغية الجميلة تختصر مئات الخطابات والكلمات عن الدور الذي يجب أن تقوم به حكومة أي بلد كان.
صحافي أوروبي سأل راديكوفا، ما الذي يؤلمك من الصحافة؟ أجابت: «عندما تنتهك خصوصياتي، وتتهافت الصحف لالتقاط صور خاصة جداً لابنتي ونشرها، دعوني أسألكم، ما علاقة ابنتي بمنصبي الحكومي؟ أنا موظفة حكومية، ولا مانع عندي أبداً من انتقادي، بل أنا أدعو الجميع الآن، وأمام الجميع، إلى أن يكثروا من انتقاد أدائي وينشروا أخطائي وأخطاء حكومتي، لن نعارض ذلك، ولن نتكلم، لكن أرجوكم ابعدوا عن ابنتي وحياتي الخاصة».
كنت أظن أن هذا الخلط بين الانتقاد من أجل المصلحة العامة، والانتقاد الشخصي، حكر علينا في هذا الجانب من العالم، لكن على ما يبدو أنه آفة عالمية، وعلى الرغم من ذلك نبقى نحن الأكثر خلطاً، ليس في عالم الصحافة فقط بل في مختلف جوانب الحياة، مع الصحافة وضدها، وفي الحوارات والنقاشات، والمنتديات والمجالس، لا نعرف الفرق بين انتقاد سلوك وأداء شخص ما، وبين شخصه وأصله وفصله!
في حالة راديكوفا فإن الخطأ لاشك هو خطأ الصحافة، ولا نملك إلا أن نؤيدها في كلامها تماماً، ولكن في حالات كثيرة يكون الخلط ضد الصحافة، خصوصاً من أولئك الذين لا يفرقون بين مهمة الصحافي، والصحافة مهنةً تقوم على النشر وكشف الحقائق، وبين الصحافي إنساناً لا يحب العداوات والمشكلات!
في ذلك المؤتمر، طرحت وجهات نظر مختلفة، منها إيضاح الخط الفاصل بين المبالغات، وإلهاب الرأي العام تجاه قضايا مجتمعية خطيرة، وبين حق الصحافة في النشر، وأعجبني طرح رئيسة تحرير صحيفة هولندية عندما قالت «قررنا في مجلس التحرير عدم نشر الرسوم المسيئة للرسول، ليس لأن القانون يمنعنا، فنحن في هولندا لا توجد لدينا ضوابط أياً كان نوعها على الإعلام، لكننا أدركنا من أنفسنا أن النشر سيؤدي إلى ضرر بالغ بمجتمعنا ودولتنا، فاتخذنا قراراً بمنع النشر».
مذيع في الـ«سي إن إن»، وصف خلال المؤتمر القس تيري جونز، الذي نادى بحرق القرآن، بأنه «معتوه»، وعلل ذلك بالآثار الكارثية التي كاد يتسبب فيها!
عموماً ما أقصده، هو أن الحرية بلا حدود لن تكون مفيدة في عالم الصحافة، ولكن علينا أن نتيقن أن الصحافة بلا حرية لن تكون ذات جدوى أبداً.
[i]